احمد الحصري يكتب: "فتوش" التي اشعلت الثورة في ميادين مصر - ادراك

بحث في الموقع

https://idrak4.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

الاثنين، 6 نوفمبر 2017

احمد الحصري يكتب: "فتوش" التي اشعلت الثورة في ميادين مصر





احمد الحصري

يا بلادي ,, يا احلى البلاد يا بلادي ,, فداكى انا والولاد يا بلادي ,,بلادي يا حبيبتي يا مصر يا مصريا مصر,, ما شفش الامل في عيون الولاد ,, وصبايا البلد ,, ولا شاف العمل سهران في البلاد
والعزم اتولد ,, ولا شاف النيل في احضان الشجر,, ولا سمع مواويل في ليالى القمر ,, مشفش الرجال السمر الشداد فوق كل المحن ,, ولا شاف العناد في عيون الولاد وتحدى الزمن ,,ولا شاف اصرار في عيون البشر بيقول احرار ولازم ننتصر,, يا حبيبتي يا مصر يا مصر .
كلمات بسيطة كتبها الشاعر الجميل محمد حمزة ولحنها الموسيقار الرائع بليغ حمدي وغنتها الاسطورة شادية .
وعلى قدر بساطة الكلمات واللحن لكن صوت الفنانة التى لن تتكرر شادية جعل منها بمثابة كلمة السر فى انتفاضة 25 يناير وايضا انتفاضة 30 يونيو .
عمر الاغنية وقت انتفاضة يناير كان 41 عاما حيت قدمتها الاسطورة فى حفل 1970 بعد توقف عن الغناء منذ النكسة وظلت تشدو بها حتى اعتزلت الفن عام 1984 بعد بلوغها سن الخمسين .
وطوال تلك السنوات استمعنا الى تلك الاغنية مئات بل الاف المرات ,, وكانت تمر علينا وكأنها روتين ,, حتى انها قد دخلت باب النكات الشعبية وعالم الكاريكاتير , حتى كان يوم الخامس والعشرين من يناير ,, واطلت علينا شادية وكأننا نستمع للأغنية للمرة الاولى ,, كانت " يا حبيبتي يا مصر " هي النشيد الرسمي في كل ميادين مصر من ميدان التحرير فى القاهرة الى اصغر ميادين محافظات ومدن مصر .
غطت الاغنية على كل هتافات وشعارات الثوار .
اختلف اهل اليمين مع اهل اليسار لكنهم اتفقوا بالإجماع على الاسطورة شادية .
كانت " يا حبيبتي يا مصر " كلمة السر ومانفستو الثورة ,, وكانت الاسطورة شادية هى الايقونة الحقيقية لانتفاضة شعب .
تقول الناقدة سمر سعد ان شادية... ليس مجرد اسم، لكنه صفة حملتها الطفلة فاطمة ابنة المهندس أحمد شاكر، ومع الأيام تحولت «الصفة» إلى كيان فني مشهور لشادية الغناء العربي، بنت مصر الدلوعة التي خطفت قلوب الشباب منذ الخمسينات وطوال الستينات،
لكن النجمة الاستثنائية قررت فجأة اعتزال الفن غناء وتمثيلا، بل واعتزلت الحياة العامة بشكل نهائي، بعد سنوات طويلة من الحضور القوي لدى الجماهير العربية .
ولدت فاطمة بالقاهرة في 8 فبراير 1934 وسط أسرة مصرية من الطبقة المتوسطة، حيث كان الأب أحمد كمال شاكر، يعمل وقتها مهندسا زراعيا في الأملاك الأميرية بمنطقة أنشاص وكانت أمها السيدة خديجة طاهر جودت من أصول تركية، واحتلت شادية مرتبة «آخر العنقود» بين أشقائها الأربعة «محمد وعفاف وسعاد وطاهر»، وكانت «فتوش» - حسب تدليل الأسرة لها - طفلة تمتلئ بالحيوية والشقاوة وخفة الظل، عاشت طفولتها وصباها مع الأسرة وفي حيّ عابدين وسط القاهرة، ثم انتقلت الأسرة إلى حيّ شبرا، وبعده سكنت شادية على نيل الزمالك بالقاهرة.
ولأم شادية فضل كبير على تكوينها كفنانة، فقد كانت الأم شديدة الحنان والطيبة توزع مشاعرها بالعدل على جميع أفراد الأسرة، لكنها كانت تخص شادية بقدر أكبر من الحنان لأنها عرفت الحياة العامة والعمل الفني والشهرة، وهي لم تزل صغيرة في أولى سنوات المراهقة. كانت الأم تذهب مع صغيرتها - 12 سنة - إلى الاستوديو صباحا وعندما ينتهي الأب من عمله في وزارة الزراعة، كانت الأم تعود إلى البيت ويتناوب الأب رعاية الابنة في الاستوديو أو في موقع التصوير بعد ذلك.
أما والد شادية المهندس أحمد كمال شاكر... فقد كان مهندسا زراعيا يعشق الطبيعة وتنسيق المساحات الخضراء ـ وعبر هذا الوالد كثير التأمل والمحب للقراءة ـ عرفت شادية فن الغناء، فقد كان الأب صاحب صوت جميل، يجيد العزف على آلتي العود والبيانو... لكنه كان يخفي موهبته عن أفراد أسرته لخجله لكنه يتخلى عن هذا الخجل في المناسبات العائلية وفي صحبة الأهل والأصدقاء، وكثيرا ما وصل صوت الأب المعبر للابنة الصغيرة وهو يدندن بعض أدوار سيد درويش ومحمد عبدالوهاب ورياض السنباطي وفريد الأطرش.
أحبت الابنة الغناء عبر الأب من دون أن يلحظ الأب ذلك وكثيرا ما كان يحلو للصغيرة الانفراد بنفسها في غرفتها وترديد الأغنيات الشهيرة للمطربة ليلى مراد وأسمهان ونجاة علي ورجاء عبده... كانت تعشق أم كلثوم ,, ولحب والد شادية الشديد ايضا لكوكب الشرق ام كلثوم قرر أن يذهب برفقة ابنته إليها لسماع صوتها ومن هنا بدأت الصبية الصغيرة تغني للسيدة أم كلثوم، حيث بدأت في المدرسة بنشيد «الجامعة» وغير ذلك من الأناشيد الوطنية المقررة على طلاب المدارس وعبر كلمات لكبار الشعراء أمثال حافظ إبراهيم وأحمد شوقي ومصطفى صادق الرافعي وعبر ألحان نجوم التربية الموسيقية والتذوق الفني في المدارس أمثال: صقر علي وعبدالحميد عبدالرحمن وأعجبت بها كوكب الشرق ونصحتها بأن تبحث عن طريقها الصحيح منذ صغرها ولا تتأخر، وأن تختار ما تحس به.
تأثرت شادية أيضا بأختها الكبرى المطربة عفاف شاكر، التي بدأت الغناء في الإذاعة ومثلت بعض الأدوار الصغيرة وكانت دائما تصطحب أختها معها إلى أماكن العمل مما جعلها تنمو على حب الغناء والفن، وما أهلها لتلقي بعض الدروس الفنية في الغناء والموسيقى على يد الملحن القدير فريد غصن والعازف محمد الناصر، كما تدربت على الإلقاء والتعبير وتنويع الأداء الصوتي على يد الفنان الكبير عبدالوارث عسر.
وتأتي الفرصة الأولى لـ«شادية» عندما أعلنوا في استوديو مصر عن الحاجة لفتيات صغيرات من هواة التمثيل والغناء للمشاركة في عمل جديد كان يجهز له المخرج الكبير أحمد بدرخان، وخضعت شادية لاختبار الكاميرا لتقف في أول دور بطولة على الشاشة أمام المطرب والملحن محمد فوزي في أول فيلم من إنتاجه « العقل في أجازة» وذلك بعد نجاحه كمطرب وممثل في عدد من الأفلام.
وبعدها بدأ يتخطفها المنتجون ويسعى لها المخرجون ويلجأ إليها كبار الممثلين ...ليغمرهم نورها المبهج ... وحضورها الجذاب ... وحب وتعلق الجماهير بها... لتصبح قدم السعد وبشرة الخير ... على كل من يعمل معها... وتصبح شادية نجمة الشباك الأولى في سنوات قليلة ... تزيح من فوق القمة نجوما كبارا تربعوا عليها لسنوات قبل ظهورها وغطى وجهها المتألق على أنوارهم فآثروا الاعتزال والابتعاد بالرغم من أن الساحة فسيحة للجميع ... إلا أن شادية كانت الأقرب لقلوب الجماهير... بحيويتها وخفة دمها وتلقائيتها وابتعادها عن التقليد أو التصنع.
لم تعد شادية تسير على وتيرة واحدة في الفيلم الواحد بل راحت تتشكل وتتقلب بين الحزن والفرح والمأساة والملهاه راحت تدرك أن الغنوة لا بد وأن تكون في مكانها ... وألا تقطع سياق أحداث الفيلم لتغني ... فأصبحت أفلامها ذات نكهة خاصة ناضجة ... ومتطورة ... ومبهرة ... كما في «الهاربة ... ووداع في الفجر ...والتلميذة ... وقلوب العذارى ... وارحم حبي» ... إلى أن قدمت القنبلة المدوية التي هزت أرجاء الوطن العربي حتى وصلت للاتحاد السوفياتي فأفسحت دور العرض فيها وفي كل ولاياتها مكان لعرض «المرأة المجهولة» وتبدو شادية في أدائها البارع كمن استوت على نار هادئة ... فأصبحت أنضج.
حتى قدمت مجموعة كبيرة من الأفلام، وتعاملت مع كبار المخرجين، لكن فيلم «المرأة المجهولة» يظل الفيلم الأشهر في مسيرتها ونقطة التحول المهمة في مسيرتها السينمائية، بالرغم من أنها لم تكن مرشحة لبطولته نظرا لصغر سنها في ذلك الوقت (1959)، وطبيعة أدوارها الشابة،
ولم يكن المخرج محمود ذو الفقار أيضا المرشح لإخراج هذا الفيلم المأخوذ عن القصة الفرنسية «مدام إكس» كتب لها السيناريو والحوار محمد عثمان، ولهذا كان نجاح الفيلم ورسوخ أقدام بطلته مفاجأة السينما في تلك السنوات.
وعبر هذا الفيلم جاء اعتراف النقاد والسينمائيين وأيضا تقدير جائزة أحسن ممثلة بعظمة قدرات الممثلة الجميلة، التي لم يخذلها جمهورها وهي تتمرد على ما اشتهرت به من أدوار خفيفة لتنطلق في مرحلة صعبة جديدة وتقدم الأدوار المركبة في أفلام مثل «اللص والكلاب» و«الطريق» و«ميرامار».
وبعدها قدمت عددا من الأفلام الاجتماعية ذات الطابع السياسي مثل «شيء من الخوف» و«نحن لا نزرع الشوك»، وفي السبعينات والثمانينات قدمت أدوارا جديدة عليها وعلى جمهورها كما في أفلام «الهاربة» و«امرأة عاشقة» و«أمواج بلا شاطئ» و«لا تسألني من أنا».
وعندما تغيرت الظروف في سنوات الانفتاح واختلفت السينما في السبعينات امتنعت الفنانة الكبيرة عن المضي قدما وسط تفاهات أفلام المخدرات والمقاولات والجنس التي تقدم بلا وزن وبلا لون أو طعم أو رائحة أو هدف .... وفضلت الإقلال من أعمالها السينمائية التى تجاوزت 110 فيلم ,, حتى اختتمت حياتها الفنية الثرية على المسرح ووقفت لأول مرة على خشبة المسرح لتقدم مسرحية ريا وسكينة مع سهير البابلي وعبد المنعم مدبولي وحسين كمال وبهجت قمر لمدة 3 سنوات في مصر والدول العربية.
كانت التجربة الأولى والأخيرة في تاريخ مشوارها الفني ,, وقفت أمام عمالقة المسرح ولم تقل عنهم تألقا وامتاعا وكانت معهم على قدم وساق كأنها نجمة مسرحية خاضت هذه التجربة مرات ومرات ولم نشعر بفارق بينها وبين عمالقة المسرح الفنان عبد المنعم مدبولي والفنانة سهير البابلي والذين اقروا بأنهم لم يروا جمهوراً مثل جمهور مسرحية ريا وسكينة لأنه كان جمهورها الذي أتى من أجل عيونها.
وفى يوم ميلادها نهتف مع جمهورها كل سنة وانتى دايما طيبة ومنورة علينا الدنيا ,, يااجمل " فتوش " فى الدنيا .
  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: احمد الحصري يكتب: "فتوش" التي اشعلت الثورة في ميادين مصر Description: Rating: 5 Reviewed By: تنوير
Scroll to Top