حسام الحداد يكتب: هوامش على تفسير الطبري.. ".. وعلى الذين يطيقونه.." - ادراك

بحث في الموقع

https://idrak4.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

الأربعاء، 30 مايو 2018

حسام الحداد يكتب: هوامش على تفسير الطبري.. ".. وعلى الذين يطيقونه.."



حسام الحداد

رمضان والصيام واشكالية الفطار في نهار رمضان، أصبحت قضية ملحة للحديث عنها، بعدما قام كل منا سواء كان ملتزم دينيا في باقي ايام السنة أم لا، وسواء كان يفهم دينه أم لا، فأصبح رمضان وكأنه شهر للمزايدة كل منا يزايد الأخر على إيمانه، فلو أفطر أحدنا تجد أول كلمة تقال له "اذا بليتم فاستتروا" فأي بلاء هذا في افطار رمضان..؟! لا أحد يعلم.
وقبل الحديث لا بد من الاعتراف أولا بأنني لست فقيه ولا أدعي أن رأيي صواب مطلق، فقط نحاول اعمال العقل في الآية ونحتكم كما يقولون للسلف الصالح، فاعمال العقل واجب وفرض كما الالتفات لأقوال من سبقونا مهم ولا بد من النظر اليه بالعقل ايضا.
ولا أحد ينكر فريضة الصيام في شهر رمضان، ولكن ماذا لو كان هناك من لا يستطيع الصيام، أو الذي يجد في الصيام مشقة، هل يجب عليه الصيام، أم أن الله عز وجل في كتابه وهبه رخصة للعدم الصيام وما هذه الرخصة؟ هذا ما سوف نحاول مناقشته مع الامام الطبري حيث يقول: "وأما قوله: "وَعلى الذين يُطيقونه فديةٌ طَعامُ مسكين"، فإنّ قراءة كافة المسلمين:"وعلى الذين يُطيقونه"، وعلى ذلك خطوط مصاحفهم. وهي القراءة التي لا يجوز لأحد من أهل الإسلام خلافُها، لنقل جميعهم تصويبَ ذلك قرنًا عن قرن.
وكان ابن عباس يقرؤها فيما روي عنه:"وعلى الذين يُطوَّقونه". وهنا يؤكد الامام الطبري أن ابن عباس كان مخالفا في قراءة الآية لأهل الإسلام ولم يقم أحد بتكفيره أو بسبه ولعنه واخراجه من الملة او اتهامه بأنه ضال ومضل، كما يحدث لمن يخالف المؤسسة الدينية في صغيرة أو كبيرة.
ويستطرد الامام الطبري فيقول: "ثم اختلف قُرّاء ذلك:"وَعلى الذين يُطيقونه" في معناه.
فقال بعضهم: كان ذلك في أول ما فرض الصوم، وكان من أطاقه من المقيمين صامَه إن شاء، وإن شاء أفطره وَافتدى، فأطعم لكل يوم أفطره مسكينًا، حتى نُسخ ذلك."
ويقدم لنا الامام الطبري ذكر من قال ذلك: "حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل قال:"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصامَ يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، ثم إنّ الله جل وعز فرض شهر رَمضان، فأنزل الله تعالى ذكره:"يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام" حتى بلغ"وعلى الذين يطيقونه فديةٌ طعام مسكين"، فكان من شاء صامَ، ومن شاء أفطر وأطعمَ مسكينًا. ثم إن الله عز وجل أوجب الصيام على الصحيح المقيم، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصوم، فأنزل الله عز وجل:"فمن شَهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضًا أو عَلى سفر" إلى آخر الآية. "
وهنا تلعب قضية الناسخ والمنسوخ دورها في الآيات الواضحة تماما والتي تحدد رخص وهبها الله لخلقه لا يجوز لأحد أن يمنعها عنهم ولو ادعى انه تم نسخ الآية.
والرخص للمريض والذي على سفر فعدة من أيام أخر، أما الذين يطيقونه "أي لا يتحملونه ويصعب عليهم الصيام" ففدية طعام مسكين، تلك هي الرخص مجملة في الآية، ونجد بعض الفقهاء أو الرواة لا يريد الاعتراف برخصة "الذين يطيقونه" فيدعي أن الآية تم نسخها رغم أن الرخص مجملة في آية واحدة والآية التالية عليها تؤكد على المريض والذي على سفر ليس إلا عملا بأسلوب التأكيد في اللغة العربية، ومنه تكرار الكلمة أو الجملة أو الأمر أو النهي على المتلقي.
ثم يقوم الامام الطبري وهو واحد من المؤمنين بقضية النسخ التي رفضها عدد ليس بالقليل من أئمة الاسلام فيسوق لنا أدلة من مرويات أخرى مثل: "حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، قال حَدثنا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليهم أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعًا غيرَ فريضة. قال: ثم نزل صيام رمضان. قال: وكانوا قومًا لم يتعودوا الصيام. قال: وكان يشتد عليهم الصوم. قال: فكان من لم يصم أطعمَ مسكينًا، ثم نزلت هذه الآية:"فمن شهد منكم فليصمه ومن كان مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر"، فكانت الرخصة للمريض والمسافر، وأمرنا بالصيام. قال محمد بن المثنى قوله:"قال عمرو: حدثنا أصحابنا"، يريد ابنَ أبي ليلى. كأن ابن أبي ليلى القائل:"حدثنا أصحابنا".
وهنا لابد لنا من التساؤل لماذا تم نسخ "الذين يطيقونه" فقط دون باقي الآية واختزال الرخصة للمريض والمسافر دون غيره؟ ألم يعد هذا تقولا على الله عز وجل خصوصا أنه كما أوردنا هناك عدد ليس بالقليل من الفقهاء لم يعترفوا بمسألة النسخ ولاموا على من اعترف بها، وبات من الواضح أن  علم الناسخ والمنسوخ هو من اختراع الفقهاء وليس من القرآن او حتى من السنه ، ولكنهم اخترعوه لمحاولة التوفيق بين الآيات التي استغلقت عليهم وظنوا أنها متعارضة بعضها البعض خلال الفترات الاربعة التى مر بها الاسلام فى عهد النبوة بداية من الدعوة في مكة في سلام وتسامح مرورا بمرحلة العداء مع قريش ثم الهجرة وبداية تأسيس الدولة ونهاية بفتح مكة والاستقرار، فنسخوا التسامح من اجل الاحتلال والغنيمة فى عصر القوة وتركوا لنا ميراثا ثقيلا فى زمن الاندحار . ويتم الاتفاق على تفعيل الايات القرآنية المناسبة للعصر الذى نعيشه ، فكل منها يعبر عن تاريخه وتجاوبه مع الواقع الارضى.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: حسام الحداد يكتب: هوامش على تفسير الطبري.. ".. وعلى الذين يطيقونه.." Description: Rating: 5 Reviewed By: تنوير
Scroll to Top