ادراك
رغم ما قدم محجوب
بن ميلاد فانه نسي اليوم وقل من يذكر جهوده وما عدى الكتاب اليتيم الذي تصدى لتأليفه
المربي والاستاذ الفاضل رحمه الله سي عبد العزيز
بن يوسف فان محجوب بن ميلاد لم ينل ما يستحق
من العناية والتكريم.
كثيرا ما تحدث البعض
عن الصراع بين الزيتونيين والمدرسيين وإلى غاية اليوم لم توضع دراسة شافية كافية عن هذا الموضوع الذي لا يمكن بدونه فهم العديد من
القضايا التي جدت ببلادنا على مدار تاريخها المعاصر
يمثل الأستاذ محجوب
بن ميلاد أحد أطراف هذا الصراع فقد عرف بشدته
على الزيتونيين وسبب ذلك في تقديري هو اختصاصه الفكري إذ نال الإجازة في الفلسفة وتخصص
في الفلسفة الإسلامية وبالتالي فإن مجال اهتمامه
الفكري يقرب كثيرا من مجالات اهتمام الزيتونيين
ونظرا لتكوينه المدرسي فإن رؤيته للأشياء مختلفة
وكان من الطبيعي أن تظهر عليه علامات الاختلاف عن مجايلييه
الأمر الثاني الذي
طبع شخصيته هو عمله الإذاعي الذي امتد من سنة
1938 إلى 1947 فالحديث في الإذاعة في ذلك الوقت يطبع الشخصية بطابع الواعظ أو المرشد
الاجتماعي وهو ما يجعل المذيع يشعر بنفسه سلطة اجتماعية ومعرفية في أن
الأمر الثالث والأهم
هو أنه كان من أبرز مهندسي السياسة التربوية
غداة الاستقلال حتى أنه كاد يولى وزارة التربية بل كان أبرز منافس للمسعدي غداة
الاستقلال كل هذا يجب أن يضعه دارس شخصية محجوب بن ميلاد في اعتباره
لقد كان محجوب بن
ميلاد يشبه الوطن العربي برقعة الشطرنج فيقول
اذا تاملت خريطة الدول العربية وجدت منطقة مضيئة واخرى مظلمة وكان يشبع العقل البشري
بالعمارة ذات الطوابق المتعددة والغرف الكثيرة حيث تجد غرفة شاغرة واخرى ملانة
اول كتاب نشره في
حياته كان ضمن سلسلة كتاب البعث وعنوانه تحريك السواكن وهو عبارة عن اسمار اذاعية
جمعها ونشرها ليصبح مشروع تحريك السواكن هو شاغله الابرز ومن يطالع كتابه الاول يفهم
مقاصد الرجل البعيدة في مشروعه فعندما كان يتحدث عن المعتزلة مثلا لم يكن يقصد الا دعوة المجتمع التعونسي الى
تعقل الاشياء حيث يقول
يمكن اليوم ان نعتبر من اهم الاخطار التي تهدد يقظة العقلية
التونسية والنهضة التونسية الحاضرة
هذه القلعة من الاوهام التي يجب على الهمم الصادقة
المستنيرة نسفها ولذلك ايضا تتحمل ادارة علومنا ومعارفنا اليوم مسؤولية خطيرة امام التاريخ وامام الانسانية
فهل هي مضطلعة باعباء مسؤولياتها في
هذه البلاد لصالح ثقافة البلاد؟ وهل هي لا تدخر
وسعا كل تحل المعرفة مكان الجهل ؟ والنور
مكان الظلمة والرشد العقلي مكان السفه العقلي؟
هذا الكلام قاله
محجوب بن ميلاد وهو يفكك مسالة المعتزلة اي ان دراسته للمعتزلة لم تكن الا وسيلة لفهم
الواقع وتثويره والدعوة الى تطوير التفكير
واعمال العقل وهو ما يؤكد ان المعارف والعلوم لا تدرس لذاتها بل لتكون ناجعة وهذه هي مقاصد التربية والتعليم
0 التعليقات:
إرسال تعليق