وتحسبهم جميعا فى واحد وهم شتى.. مقال ممنوع من النشر - ادراك

بحث في الموقع

https://idrak4.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

الأربعاء، 5 أبريل 2023

وتحسبهم جميعا فى واحد وهم شتى.. مقال ممنوع من النشر



بقلم عادل نعمان

قال قائل لانعرف وجهته ،أن سودانيا سأل ولديه سؤالا واحدا عن احوال المصريين ، وكانا يدرسان بالجامعة المصرية ، فأجاب الأول المواظب على الدراسة والمهتم بالعلم : كلهم طلاب علم مداومون عليه مهتمون بالدرس والتحصيل ، واجاب الثانى المداوم على إرتياد الخمارات والبارات وأماكن اللهو والمجون : كلهم ياابى روادها " ولكل وجهة هو موليها " واظن ان الإثنين كانا على حق ولم يخطئا ، فإذا ذهبت الى المساجد فهى زاخرة بعمارها ، وإذا ذهبت الى اماكن السمر والهزل واللعب والنوادى والمطاعم والبارات فهى تعج بزوارها ، حتى إحتار الناس فينا وصعبنا على الفهم . نبدو جميعا أمة واحدة يوما أو بعض يوم ثم نصبح بقية العام أمما شتى ، نلتف ونتلاحم فى لحظة ثم نفترق فراق المهاجرين والمغادرين ، نتناقض ونتفق ونتخاصم ونتصالح ونتسابق دون وسيط او حكم وكأننا فى حلقة سباق للديوك ، فكيف يقبل الناس على الشراء بنهم بالغ فى هذا الغلاء القاسى "والمرار الطافح " ويتزاحمون على المطاعم والمحلات وسداد فواتير المحمول والقنوات المشفرة وهم يئنون ويتوجعون من إرتفاع الاسعار ولايملون عن الشراء مع الشكوى ؟ !! وإذا وجهت نظرك يمينا او يسارا تحتار وتتساءل من اين جاءت طوابير المتسولين والشحاذين التى تسابق السيارات وتنازع المارة الشوارع والطرقات بدموع كاذبة ويصدقها البعض? .
وإذا ذهبت الى مستشفى إستثمارى ذائع الصيت باهظ التكاليف ترى أن بعضا من المرضى أرق وأدنى حالا من المواظبين والقادرين عليها ، وحين تذهب الى مستشفى حكومى سترى بعينك أن حال البعض منهم ارقى وأيسر غلة من المترددين عليها ، وأتساءل كيف يقدر رقيق الحال على هذه التكاليف فى الاولى ، وكيف يزاحم الاكثر ريعا ودخلا علاج البسطاء فى الثانية ؟ صديق حين هم بشراء طبق من الحلويات الشرقية هدية لزوم عزومته على الإفطار اقسم لى انه ظل منتظرا ساعة حتى جاء دوره فى الشراء ، ولم يكن مادفعه سهلا او هينا بل زاد ثمنه عن ذى قبل عدة اضعاف ، والوقوف جميعا يتململون ويهمهمون ويهمسون ويرغون ويزبدون إلا انهم لايكفون عن الشراء والإستياء والإدعاء ، وكأنها عادة ورثناها كابرا عن كابر
ولأننا شعب عريق قديم يتعدى المائة مليون ، فنحن لسنا شعبا واحدا ، او امة واحدة ،بل شعوب وامم شتى ، تتباين الفروق وتتفاوت الثقافات وتتباعد الدخول وتتقاطع المصالح وتختلف العادات والتقاليد واللهجات والازياء دون قومية واحدة ، حتى لترى فى جنبات الشوارع سلوكيات متباينة وتصرفات متباعدة وكأنهم شعوب متنافرة ومتقاطعة وهم من بيوت متقاربة ومتلاصقة ، هذه الكثرة وهذا التعدد والتنوع ،وهذه اللوحة المتشابكة الخيوط كثيرة الالوان سبب مانراه ، فكل شعب من هذه الشعوب وكل لون من هذه الالوان يعيش ويحيا ويتنفس ويتكاثر، ويبدو وكانه لايمت بصله لشعوبه الاخرى ، وهذه الخطوط فى اللوحة تتمدد على هواها كلما شاءت إرادتها ورغبت ، المهم انهم جميعا يعودون الى بيوتهم فى المساء من ابواب متفرقات ، ينامون بجوار بعضهم البعض على سرر متقاربات وغطاء واحد ، تتشابك الانفاس ويعلو الشخير ولايستيقظون ، وفى الصباح يرتدى كل واحد منهم زيا وطنيا جديدا غير الأمس ويتبادلون الاوطان دون تاشيرة دخول او خروج .
إلا أنه للحق فإن شعبا آخر يعيش بيننا ، لايرتدى لباس البسطاء اليوم لعذر ، او لباس ميسورى الحال لسبب وجيه ،بل رداؤه ثابت لايتغير ولايتبدل ،يعيش كما يشاء ويريد ويأمل ، لايشغلنى فهو ثابت لايتعدى خطوطه واضح لايهتز ، ولاخطر منه او عليه ، لكنه ليس مجال حديثى الآن ، فأنا معنى بهؤلاء الذين يعيشون بين الخطوط ، يعبرون وينتقلون فى براعة وحنكة وخدعة بإتقان ومهارة بالغة ، بارع فى اللهو والجد والتسول ايضا ، وهنا مكمن الخطورة !!
فلا عجب مما ترى او تسمع ، فإذا رايت جموعا من البسطاء اليوم فى مستشفيات إستثمارية فاعلم ان منهم من اعجزتهم المستشفيات الحكومية عن العلاج فأرتدوا لباس ميسورى الحال ليلحقوا بالشفاء ، وإذا رايت بعضا من ميسورى الحال فى مستشفى حكومى فاعلم ان منهم من اعجزتهم المستشفيات الإستثمارية عن إستكمال مشوار العلاج فأرتدوا لباس البسطاء ليلحقوا بالسماء ، وإذا رايت صفوفا امام المطاعم الفاخرة فأعلم ان منها وعود ومنها رد جميل ، وإذا رايت من يشترى بشراهة او ياكل بنهم او يدفع ببذخ او يختار بسفه او يمارس كل هذا بزهو وإنتصار اليوم فاعلم علم اليقين انه ليس مارايته الامس او تراه الغد ، وإذا رايت متسولا فلا تأمن لما يقوله مهما بلغك من الرحمة والشفقة عليه فقد برع وأتقن ، إياك أن تظن أن ماتراهم اليوم قد إعتادوا على هذا كل الوقت ، وماتسمعه اليوم عنهم قد كان من نصيب غيرهم بعض الوقت ، وتحسبهم جميعا واحد وهم شتى " الدولة المدنية هى الحل " .
  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: وتحسبهم جميعا فى واحد وهم شتى.. مقال ممنوع من النشر Description: Rating: 5 Reviewed By: تنوير
Scroll to Top