الاثنين، 16 أكتوبر 2017

شهد سلامة تكتب: "فيلم تونس الليل" أزمة المثقف الحداثي قبل الثورة وبعدها





شهد سلامة

يوسف هو الشخصية المحورية في فيلم تونس الليل او “تونس باي نايت” يجسده ببراعة الفنان رؤوف بن عمر، ويعيش تناقضات حادة تتبلور مع الإرهاصات الأولى للثورة التونسية عندما يجد نفسه، وهو المذيع المتميز الذي يقدم برنامجا ليليا يرصد ما يحدث في تونس، عاجزا على الإشارة إلى حادثة حرق البوعزيزي لنفسه، عندما يتولى رئيسه في العمل منعه من ذلك بل ويجد نفسه مقتادا إلى غرفة التحقيق.
وتكون هذه شرارة انطلاق الأحداث والأسئلة المؤرقة التي يجد هذا النموذج للمثقف الحداثي المتحرر اجتماعيا نفسه في مواجهتها ابان اندلاع الحراك الاجتماعي في تونس ذات شتاء.
هنا ترصد كاميرا الياس بكار مخرج الفيلم تناقضات الحياة الأسرية لهذا المذيع النجم، فنلحظ التفكك وغياب التالف والانسجام داخل الأسرة الصغيرة التي تنقسم على ذاتها إلى قسمين، قسم محافظ تجسده الأم المحجبة التي جسدت دورها الفنانة العائدة بعد انقطاع عن الفن آمال الهذيلي، والابن الملتزم دينيا الذي يقوم بأداء دوره حلمي الدريدي.
وقسم ثان يتحالف فيه الاب المثقف المتحرر والابنة التي تعيش حياة مضطربة تتقاذفها اماكن اللهو والسهر، ويقودها هذا النمط الحياتي الى نهاية تراجيدية تماما كالتراجيديا التي يعيشها الأب الذي يهجر عائلته تحت وطأة الاغتراب النفسي وينتهي به الامر الى اللامبالاة.
بل يحاول معانقة الماضي من خلال هروبه الى دار الجدود ومحاولة استنطاق الماضي، اعلانا عن فشله في الخروج من دائرة الاحباط واليأس التي طوقته.
وقد حاول المخرج تسليط الضوء على التناقضات التي يعيشها المثقف، وعلى الواقع التونسي بكل ملابساته ابان الثورة.
ولعل ازمة العائلة المذكورة يحيل بشكل مباشر على أزمة المجتمع التونسي الي وصلت حد الاختناق في تلك الظرفية التاريخية التي حاول الفيلم اماطة اللثام عنها.
وتلاحق الكاميرا على امتداد ساعة ونصف هذه النماذج الاجتماعي في حركاتها وسكناتها ومحاولة صوغ عالم، مفرداته من الواقع التونسي 

المصدر: ميم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق