أحمد النجار يكتب: رسائل مفتوحة للرئيس - ادراك

بحث في الموقع

https://idrak4.blogspot.com.eg/

أخر الأخبار

Printfriendly

الأحد، 29 أكتوبر 2017

أحمد النجار يكتب: رسائل مفتوحة للرئيس





أحمد النجار

لم أعتد على توجيه أي نقد للرئيس _أي رئيس_ وهو في الخارج، لأن رسائلي موجهة لوطني وللشعب الذي أنتمي إليه. أما وقد عدت بسلامة الله لأرض الوطن فاسمح لي أن أبلغ سيادتك بأن ديموقراطية النظام في مصر غير حقيقية، فالنظام الراهن لا علاقة له بالديموقراطية ويستند في العصف بها لأحد أسوأ القوانين في تاريخ مصر وهو قانون تنظيم التظاهر الذي يصادر حرية التعبير وحق التظاهر السلمي كليا. وهذا القانون يليق بالنظم الفاشية وينتمي إليها ولا علاقة له بالديموقراطية من قريب أو بعيد.
وأهم عيوب ذلك القانون هي المادة 10 التي تنص على حق وزير الداخلية أو مدير الأمن المختص في رفض التصريح بالمظاهرة أو نقلها أو تأجيلها ذا حصل على معلومات تشير إلى أنها ستهدد الأمن والسلم. وهذه المادة تحول التظاهر السلمي من حق تتم ممارسته بالإخطار وفق ضوابط معينة إلى سلطة للمنح والمنع بيد الداخلية إذا نما إلى علمها أن التظاهرة ستخرج عن السلمية!! وهذا الأمر لا يمكن ضبطه بحيدة وأمانة ويعتمد على موقف الداخلية من المظاهرة، حيث أن القانون لا يلزمها بتقديم أدلة على ما نما إلى علمها.
والطبيعي أنه إذا كانت المظاهرة تنتمي للمعارضة فإن الداخلية ستستسهل توجيه الاتهام إليها لإراحة نفسها من عناء متابعة مظاهرة معارضة، وأيضا لإراحة الحكومة التي ينتمي إليها وزير الداخلية من أصوات المعارضة التي تحتج عادة على ما تعتبره فشلا أو أخطاءً للحكومة والرئيس.
أما إذا كانت المظاهرة لمؤيدي النظام السياسي فإنها يمكن أن تمر حتى بدون إخطار. كذلك فإن المادة 11 تنص على تنظيم استخدام حق الشرطة في فض المظاهرة إذا خرجت عن الطابع السلمي، دون وجود طرف محايد يحدد خروج المظاهرة عن السلمية، حيث أن الاستعانة بمندوب منتدب من قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة الابتدائية هي مسألة جوازية بيد مدير الأمن المختص مكانيا، بدلا من أن يكون وجود هذا المندوب إلزاميا ومنذ بداية المظاهرة ويكون هو وحده الذي يحدد مسألة خروج المظاهرة عن السلمية، وبالتالي يعطي الحق للشرطة في الرد وفقا للضوابط التي حددها القانون.
أما العقوبات في هذا القانون فإنها بالغة القسوة والفظاظة ولا تتناسب مع الفعل بل هي نوع من الانتقام من كل من يفكر في التظاهر السلمي. إنه باختصار قانون معادي للحريات وللمبادئ التي أقرها الدستور بشأن حرية التعبير والتظاهر. ورغم أن المجلس القومي لحقوق الإنسان اعترض على القانون وطلب تعديل المواد الجائرة على الحريات وحقوق الإنسان، إلا أن أجهزة الدولة أو ما يسمى بالدولة العميقة رفضت ذلك حتى الآن ليبقى هذا القانون طاعنا للديموقراطية في مقتل ومانعا لمؤتمرات القوى السياسية وتواصلها الحر مع الجماهير، وبوابة لسلب حرية وأموال بعض من أنبل أبناء هذا الوطن ممن تظاهروا دفاعا عن أرض وطنهم في تراجيديا التفريط في جزيرتي تيران وصنافير.
السيد الرئيس.. من المؤكد أنكم تعلمون بأنني منعت من الكتابة في الأهرام منذ عام ونصف وحتى الآن لمجرد أن ما أكتبه يختلف مع توجهات وآراء سيادتك وبخاصة فيما يتعلق بجزيرتي تيران وصنافير المصريتين، فهل لهذا علاقة بالديموقراطية من قريب أو بعيد أم أنه إجراء ينتمي للنظم الاستبدادية التي لاترغب في سماع أي صوت مختلف معها؟! وحتى تصريحات سيادتكم ومطالبتكم للشعب بألا يستمع لأي أحد سواكم هو أمر يندرج في نفس السياق غير الديموقراطي.
لقد اضطررت إزاء المنع غير الديموقراطي لنشر مقالاتي في الأهرام عن تيران وصنافير وعما يسمى بالإصلاح الاقتصادي الذي هو عبارة عن كتلة من الإجراءات المتحيزة كليا للرأسمالية العالمية والمحلية على حساب الفقراء والطبقة الوسطى وغيرها من القضايا.. اضطررت لنشرها على صفحتي على الفيس بوك، والخبر الجيد بالنسبة لي أنها أوسع انتشارا وتأثيرا من الصحف الورقية، خاصة إذا كانت مستندة للبيانات والمعلومات الموثقة وليست مجرد آراء. وللعلم فإنني إزاء ذلك المنع من النشر في المؤسسة التي التي كنت رئيسا لمجلس إدارتها آنذاك، قدمت استقالتي من رئاسة مجلس الإدارة في أبريل 2016، لكن رئيس المجلس الأعلى للصحافة وقتها الرمز الوطني الكبير الأستاذ جلال عارف رفض قبولها، إلى أن قدمت استقالتي بلا رجعة في أبريل 2017.
وبالمناسبة في ظل نظام مبارك الذي أشرتم سيادتكم في أكثر من مناسبة أن الشعب ثار على نظامه الاستبدادي، نشرت مقالات معارضة لمبارك وحكوماته في الأهرام، ونشرت كتاب كامل بعنوان "الانهيار الاقتصادي في عصر مبارك.. حقائق الفساد والبطالة والركود والغلاء" في عام 2005 عن دار ميريت، ولم يمنعني من النشر في الأهرام.
وفزت في عهده وأنا معارض لسياساته بجائزة الدولة التشجيعية في الاقتصاد عام 1999. وفي العام الذي حكمه الإخوان كنت ضدهم على طول الخط لأنني ضد إقحام الدين في السياسة أو الاقتصاد وما يؤدي إليه من بناء نظم فاشية، وكتبت في الأهرام وتحدثت في البرامج التلفزيونية التي كانت تستضيفني وكرست البرنامج التلفزيوني الذي كنت أقدمه والندوات التي كنت أشارك فيها لمعارضة سياساتهم بصورة جذرية، وقمت بتحرير كتاب عن أعمال مؤتمر نحو برنامج اقتصادي بديل لسياسات الإخوان وصدر عن المجلس الأعلى للثقافة. ورغم ذلك لم يمنعني الرئيس الإخواني من النشر، وفزت أيضا بجائزة الدولة للتفوق في العلوم الاجتماعية في عام 2012، فبماذا نسمي نظام سيادتكم الذي يمنعني من نشر أي مقالات مختلفة مع توجهات سيادتكم بصورة علمية وموضوعية في جريدتي التي أفنيت عمري فيها؟! للرسائل بقية.
  • تعليقات المدونة
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: أحمد النجار يكتب: رسائل مفتوحة للرئيس Description: Rating: 5 Reviewed By: تنوير
Scroll to Top